عودة

 

 

الاكتئاب

Depression

 

هذه النشرة

هذه النشرة لكل من يعاني من مشاعر الاكتئاب. ونأمل أن تساعد أيضا أصدقاء وأقرباء من يشعر بهذا الاكتئاب.

تشرح هذه النشرة طبيعة الشعور بالاكتئاب، وكيف يمكنك أن تساعد نفسك، وكيف يمكن أن تساعد شخصا آخر مكتئب. وتذكر النشرة بعض الأمور التي لا نعرفها عن الاكتئاب.

وتوجد في نهاية النشرة قائمة بالأماكن الأخرى التي يمكن أن تحصل منها على مزيد من المعلومات.

 

المدخل

كلنا يشعر أحيانا ببعض الملل أو اليأس أو الحزن. والعادة أن لا تطول هذه المشاعر لأكثر من أسبوع أو أسبوعين، وأن لا تتدخل كثيرا في مجريات حياتنا. وقد توجد أحيانا أسباب لهذه المشاعر، وأحيانا لا توجد أسباب واضحة، وكان الاكتئاب أتى من لا شىء. ويمكننا أحيانا التكيف مع هذه المشاعر بأنفسنا. فقد نتكلم أحيانا مع صديق ومن دون أن نحتاج للمزيد من المساعدة.

ويُقال عادة أن شخصا يعاني من الاكتئاب عندما :

- لا تذهب عنه مشاعر الاكتئاب بسرعة

- تكون مشاعر الاكتئاب شديدة ولحدّ أنها تؤثر في مجرى حياته اليومية

 

ما هي مشاعر الاكتئاب؟

مشاعر الاكتئاب أكثر شدة من مجرد الشعور بعدم السعادة لفترة قصيرة والتي تمرّ بنا جميعا من حين لآخر. فالاكتئاب يدوم لمدة أطول. فقد يستمر لأشهر وليس لمجرد أيام أو أسابيع. وليس بالضرورة أن تكون لدى المصاب بالاكتئاب كل الأعراض الوارد ذكرها هنا، إلا أن الغالب أن تكون لديه خمسة أو ستة أعراض مما يلي:

إنك:

- تشعر بعدم السعادة معظم الوقت (ولكن قد تشعر ببعض التحسن في المساء)

- تفقد اهتمامك بالحياة فلا تعود تستمتع بشىء

- تجد صعوبة أكبر في اتخاذ القرارات

- لا تعد تستطيع التكيف مع الأمور التي كنت من قبل قادر عليها

- تشعر بالتعب الشديد

- تشعر بالتململ والضجر

- تفقد شهيتك للطعام وينقص وزنك (بعض الناس على العكس يزداد وزنهم)

- تحتاج لساعة أو ساعتين لتتمكن من النوم، وعندها تستيقظ أبكر من المعتاد

- تفقد اهتمامك بالرغبة الجنسية

- تفقد ثقتك بنفسك

- تشعر بعدم الجدوى، وغير الملائمة واليأس

- تتجنب الناس الآخرين

- تشعر بالنزق

- تشعر أسوء ما يمكن في وقت محدد من كل يوم، وغالبا في الصباح

- تفكر بالانتحار

وقد لا ندرك كم هي شدة شعورنا بالاكتئاب لأنه قد بدأ بشكل متدرج. وقد نصمم على المقاومة بمفردنا وقد نلوم أنفسنا لشعورنا بالكسل أو الخمول. وقد يحاول الآخرون إقناعنا بأن طلب المساعدة والعون ليس دليلا على ضعف الإنسان.

وقد نحاول التكيف مع مشاعر الاكتئاب عن طريق المزيد من العمل وبذل الجهد، ولكن هذا قد يعرضنا للمزيد من التوتر والإنهاك. وعندها قد نلاحظ بعض الآلام الجسدية، والصداع المتواصل أو الأرق. وقد تكون هذه الأعراض الجسدية من أول علامات الاكتئاب.

 

لماذا يحدث الاكتئاب؟

كما هو الحال في بعض الاكتئاب اليومي الذي يمكن أن يصيبنا من حين لآخر، فقد تكون هناك أسباب واضحة للإصابة بالاكتئاب، وقد لا تكون هناك أي أسباب. والعادة أن يكون هناك أكثر من سبب واحد، وتختلف هذه الأسباب من شخص لآخر.

قد يكون السبب واضحا، كخيبة أمل، أو إحباط ، أو فقدان شىء أو شخص هام في حياتنا. وأحيانا لا يتضح لماذا نشعر بالاكتئاب. فقد تكون مجرد اننا في "حالة مزاجية"، أو أننا لا نشعر بالبهجة المعتادة، أو مجرد شعورنا "ببعض الكآبة" أو غيرها من الأمور البسيطة. وفي الحقيقة فنحن لا ندري لماذا. وعلى كل الأحوال فقد تكون هذه المشاعر من السوء بحيث أننا نحتاج للمساعدة.

 

- أمور يمكن أن تحدث في حياتنا

من الطبيعي أن نشعر ببعض الاكتئاب عقب حادثة مزعجة، كالأسى على موت قريب، أو طلاق أو فقدان عمل أو مهنة. وقد نقضي بعض الأسابيع أو الأشهر نفكر بالحدث ونتكلم عنه. وبعد حين نبدأ بالتأقلم مع ما جرى. ولكن بعضنا قد يستمر في حالة من الاكتئاب التي يبدو أنها لا تنتهي.

- الظروف

إذا شعرنا بالوحدة، أو بأننا بلا أصدقاء من حولنا، أو شعرنا بالتوتر، أو بالقلق والمخاوف، أو بالتعب الجسدي فإننا أكثر عرضة لنصبح مكتئبين.

- المرض الجسدي

قد يقع الاكتئاب عندما نصاب بمرض من الأمراض الجسدية. وهذا يصدق على الأمراض المهددة للحياة كالسرطان أو أمراض القلب، ولكنه ينطبق أيضا على الأمراض المزمنة أو المزعجة أو المؤلمة، كالروماتيزم أو التهاب المفاصل أو التهاب القصبات الهوائية. وقد يصاب صغار الأعمار بالاكتئاب عقد التهاب فيروسيّ كالانفلونزا وحمى الغدد.

- الشخصية

يمكن لكل شخص أن يصاب بالاكتئاب، إلا أن بعضنا أكثر عرضة للإصابة من البعض الآخر. وقد يكون هذا لطبيعة أجسادنا، أو تجاربنا المبكرة في الحياة، أو كليهما.

- الخمر

كثير من الناس الذين يتعاطون الخمر بكثرة يمكن أن يصابوا بالاكتئاب. وقد لا يكون من الواضح أحيانا أيهما بدأ أولا الشرب أو الاكتئاب. نحن نعلم بأن الذين يشربون كثيرا هم أكثر عرضة لقتل أنفسهم من الذين لا يشربون .

- الجنوسية/ الجندر

يبدو أن النساء أكثر إصابة بالاكتئاب من الرجال. وقد يكون هذا لسبب أن الرجال أقل ميلا للاعتراف بطبيعة مشاعرهم، أو لأنهم يكبتون مشاعرهم في داخلهم، أو يعبرون عنها من خلال العدوانية أو بزيادة شرب الخمر. ويمكن أن يكون لأن النساء عرضة للإصابة للتوتر المضاعف لاضطرارهن للعمل في المنزل، بالإضافة لرعايتهن للأولاد.

- الوراثة

يمكن للاكتئاب أن ينتشر في الأسرة أو العائلة. فإذا كان أحد والديك قد أصيب باكتئاب شديد فأنت ثمان مرات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

 

وماذا عن الهوس الاكتئابي؟

كل 1 من 10 أشخاص أصيبوا بالاكتئاب شديد ستكون لديهم أيضا أوقات يكونون فيها في حالة ابتهاج وفرط الحركة. وقد كان هذا يسمى بالهوس الاكتئابي (Manic Depression)

و لكنه كثيرا ما يسمى الآن اضطراب العاطفة الثنائي القطب (Bipolar Affective Disorder) وهو يصيب نفس العدد تقريبا من الرجال والنساء، ويميل للإنتشار في الأسر.

 

أليس الاكتئاب مجرد شكل للضعف؟

قد يبدو للآخرين بأن المصاب بالاكتئاب عبارة عن شخص قد "استسلم" وكان لديه خيار في هذا الأمر. والحقيقة أن هناك نقطة معينة يأخذ فيها الاكتئاب طابع المرض قبل أي شىء آخر. وقد يصيب هذا المرض شخصا شديد التصميم، مما يجعله في حاجة للعون وليس للانتقاد. وليس من مؤشرات الضعف عندما تتعرض الشخصية القوية للاكتئاب العميق. لقد سمى ونستون تشرشل الاكتئاب بأنه "كلبه الأسود".

 

متى ينبغي عليّ أن أطلب المساعدة؟

- عندما تكون مشاعر اكتئابك شديدة وأسوء من المعتاد، وتبدو وكانها لا تتحسّن.

- عندما تؤثر مشاعر الاكتئاب على عملك أو مهنتك، أو اهتماماتك ومشاعرك تجاه أسرتك وأصدقائك.

- عندما تشعر وكان الحياة لا تستحق العيش، أو أن الآخرين سيرتاحون بدونك.

 

قد يكفي مجرد أن تتحدث عما في نفسك مع قريب لك أو صديق، وباستطاعته مساعدتك على تجاوز المرحلة الصعبة هذه في حياتك. وإذا لم يكف هذا أو يساعدك بما فيه الكفاية فلربما تحتاج للحديث عنه مع طبيب الأسرة. وقد تجد أن أصدقائك وأسرتك قد لاحظوا عليك تغيّرا مما جعلهم يتخوّفون عليك.

 

ساعد نفسك

لا تكتم الأمر في نفسك إذا كنت قد تلقيت أخبارا سيئة، أو تعرضت لأمر مزعج كبير، فحاول أن تتكلم مع من هم قريبون منك، وتحدث لهم عما تشعر. ومما يعين في كثير من الأحيان أن تعيد الحديث عن التجربة المؤلمة عدة مرّات، وأن تبكي على الأمر. إن مجرد الحديث عنها مع شخص ما يعتبر من الطرق الطبيعية التي يلجأ إليها العقل لشفاء نفسه.

افعل شيئا

اخرج من منزلك لبعض التمارين الرياضية، ولو كان مجرد المشي. فهذا سيساعدك على الحفاظ على لياقتك الجسدية، وقد يتحسّن نومك. صحيح أنك قد لا تشعر بالقدرة على المشي، ولكن من الحسن دوما أن تحاول الحفاظ على نشاطك. ويمكنك أن تقوم ببعض الأنشطة كبعض أعمال المنزل، أو بعض التصليحات (وقد لا تكون أكثر من تغيير مصباح في البيت) أو أي عمل من أعمالك الروتينية. وقد يساعدك هذا على صرف تفكيرك بعيدا عن الأفكار المؤلمة التي تجعلك تشعر بالمزيد من الاكتئاب.

كل جيدا

حاول أن تتناول طعاما بحمية متوازنة بالرغم من أنك قد لا تشعر بالرغبة في الطعام. من المفيد وبشكل خاص تناول الفواكه والخضار الطازجة. وقد يجعلك الاكتئاب تفقد بعض الوزن وبعض الفيتامينات، مما يمكن أن يسيء للاكتئاب.

احترز من الخمر

حاول أن تقاوم الاغراء تجاه الشرب والشعور بالأسى، فالخمر في الحقيقة يجعل الاكتئاب أسوأ. وقد يجعلك الخمر تشعر ببعض التحسّن لسويعات ويتركك من بعدها في حالة أسوأ. وسيمنعك الخمر عن طلب المساعدة الصحيحة وعن حلّ مشكلاتك، بالإضافة إلى أنه الأضرار بصحتك الجسدية.

نمّ جيدا

حاول ألا تقلق على عدم قدرتك على النوم. وحتى لو لم تتمكن من النوم فمما يساعد أن تستمع للمذياع، أو تشاهد التلفاز وأنت تحاول أن تستلقي وتسترخي لتريح جسمك. فإذا استطعت أن تشغل ذهنك بهذه الطريقة فقد تشعر بقلق أقلّ وتجد نفسك أقدر على النوم.

عالج السبب

إذا كنت تعتقد بأنك تعرف السبب وراء اكتئابك، فمما يساعد أن تكتب طبيعة المشكلة وأن تفكر من ثم بالأشياء التي يمكنك القيام بها لعلاج هذا السبب. اختر أفضل ما يمكنك القيام به ومن ثم حاول فعله.

ابق متفائلا

ذكر نفسك:

- بأنك تعاني من تجربة عانى منها قبلك الكثير من الناس.

- بأنك حتما ستخرج من هذه المرحلة، بالرغم من صعوبة تصديقك الآن بهذا الأمر.

- يمكن للاكتئاب أن يكون تجربة مفيدة، بأن تخرج منه أقوى وأقدر على كالتكيّف. ويمكن أن يساعدك على رؤية الحالات والعلاقات بشكل أوضح.

- يمكن أن تكون أقدر على اتخاذ قرارات هامة وتغييرات في حياتك كنت تتجنبها في الماضي.

 

ماهي أنواع المساعدة المتاحة؟

معظم الناس الذين يعانون من الاكتئاب يتلقون العلاج من طبيب الأسرة. وبحسب طبيعة أعراضك، وشدة هذا الاكتئاب وطبيعة الظروف المحيطة، قد يقترح الطبيب بعض أشكال المعالجات النفسية بالكلام، أو وصف حبوب مضادة للاكتئاب، أو كليهما معا.

المعالجة النفسية/ الإرشاد النفسي

مهما كنت مكتئبا فإن مجرد الكلام البسيط عن مشاعرك يمكن أن يساعدك. وقد يكون لدى طبيب أسرتك مرشدا نفسيا في عيادته وبحيث يمكنك الكلام معه. وإذا كان لاكتئابك علاقة بزوجك، فعندها قد تكون مؤسسة علاقات (RELATE) أفضل من  يمكنه مساعدتك على حلّ مشكلات مشاعرك- فهذه المؤسسة متخصصة في هذه الجوانب (انظر آخر هذه النشرة).

إذا أصبت بالاكتئاب وأنت تعاني من إعاقة ما، أو أنك تقوم برعاية قريب لك، فعندها قد تحصل على الدعم المطلوب عن طريق أن تشارك تجاربك وخبراتك مع آخرين في مجموعة تمرّ بظروف مشابهة.

إذا كنت تجد صعوبة في التغلب على مشاعر الأسى لوفاة قريب لك، فإن مما يساعد كثيرا أن تتكلم عن هذا مع شخص آخر.

ومن العسير أحيانا التعبير الحقيقي عن طبيعة مشاعرك ولو حتى لصديق قريب. وقد يكون من الأسهل الحديث عن هذه المشاعر مع مرشد نفسي أو اختصاصيّ بالمعالجة النفسية. مجرد البوح عما في الصدر قد يخفف كثيرا. فإذا تمكنت من الحصول على كامل انتباه شخص ما وهو يستمع لك، فالغالب أنك ستشعر ببعض التحسّن عن نفسك. وهناك أنواع مختلفة للمعالجات النفسية المتوفرة، وبعضها فعال جدا في حالات الاكتئاب من الدرجة الخفيفة إلى المتوسطة الشدة.

 (Cognitive Behavioral Therapy) المعالجة المعرفية السلوكية تساعد الناس على تجاوز الأفكار السلبية التي تكون أحيانا سبب الاكتئاب. وقد تفيد المعالجات النفسية التحليلية الديناميكية (Interpersonal, dynamic therapies) إذا كنت تجد صعوبة في التعامل مع الآخرين.

تحتاج المعالجات النفسية التي تستعمل الكلام بعض الوقت من أجل أن تكون مؤثرة.

قد تمتد الجلسة العلاجية ما يقارب الساعة، وقد تحتاج بين 5 إلى 30 جلسة.

قد يراك المعالج أسبوعيا، بينما يفضل معالج آخر رؤية المصاب كل 2 إلى 3 أسابيع.

كيف تعمل المعالجة النفسية بالكلام؟

يتوقف هذا على طبيعة المعالجة المستعملة.

مجرد أن تشارك ما يقلقك مع الآخرين سيساعدك، حيث سيقلل الشعور بالوحدة مع مشكلاتك، وستشعر ببعض الدعم والتشجيع.

تساعدك المعالجة المعرفية السلوكية على التعرف على أفكارك التي تجعلك مكتئبا، ومن ثم تغيير هذه الأفكار.

يساعدك الإرشاد النفسي على وضوح مشاعرك عن حياتك وعن الناس الآخرين.

تساعدك المعالجات التحليلية على رؤية كيفية تأثير تجاربك الماضية على حياتك الآن.

يمكن للحديث في داخل مجموعة من الناس إن يساعدك على تغيير سلوك تعاملك مع الآخرين.  حيث يتيح لك هذا، وفي جوّ آمن وداعم، أن تستمع من الآخرين لكيفية رؤيتهم لك، وأن تحاول تجريب طرقا مختلفة للسلوك والحديث.

مشكلات المعالجة النفسية بالكلام

هذه المعالجات بشكل عام مأمونة إلا أنه يمكن أن يكون لها أعراض جانبية. فالحديث عن الأمور يمكن أن يُخرج ذكريات سيئة من الماضي، وهذا مما يجعلك تشعر بالاكتئاب أو هبوط الهمّة. وذكر بعض الناس أن هذه المعالجات قد غيّرت طبيعة نظرتهم للحياة وطريقة علاقاتهم بأصدقائهم وأسرتهم. وهذا مما قد يضع بعض التوتر على هذه العلاقات. ومن المهم أن تثق بمعالجك، وبأنه حاصل على التدريب المطلوب. وإذا كان لديك ما يقلقك حول حصولك على معالجة نفسية بالكلام فتحدث بهذا مع طبيبك أو المعالج النفسي. ومن سوء الحظ أن هناك طلبا ملحا على هذه النوعيات من المعالجات النفسية بالكلام. وفي بعض المناطق قد تحتاج في أن تنتظر لعدة أشهر بعد تحويلك للمعالجة النفسية.

علاجات بديلة

هناك ما يسمى بعشبة (St John’s Wort) وهي نوع من المعالجات العشبية المتوفرة في الصيدليات. و ينتشر استعمالها في ألمانيا، حيث هناك دلائل تشير لتأثيرها في حالات الاكتئاب الخفيفة إلى المتوسطة الشدة. ويتوفر منها الآن شكل حبّة واحدة في اليوم. ويبدو أنها تعمل بنفس طريقة عمل أدوية مضادات الاكتئاب، إلا أن البعض يرى لها تأثيرات جانبية أقل من مضادات الاكتئاب. وإذا كنت تتناول أدوية أخرى فعليك أن تناقش ذلك مع طبيبك قبل تناول هذه العشبة.

 

مضادات الاكتئاب (Antidepressants)

إذا كان اكتئابك شديدا أو طويلا مزمنا، فقد يقترح طبيبك عليك تناول دورة من دواء مضاد للاكتئاب. وليست مضادات الاكتئاب من أنواع المهدئات والمسكنات بالرغم من أنك ستشعر بتحسّن شعورك بالقلق والاضطراب. ويمكنها أن تساعد المصابين بالاكتئاب على تحسن المشاعر وزيادة قدرتهم على التكيّف، مما يمكّنهم من بداية الشعور ببهجة الحياة، ومن التعامل مجددا مع مشكالهم بشكل فعّال.

من المهم تذكر أن مع مضادات الاكتئاب، وبشكل مخالف لكثير من الأدوية، إنك لن تشعر بالتأثير المضاد للاكتئاب مباشرة. فلا يلاحظ الناس أي تحسّن في عواطفهم لمدة 2 إلى 3 أسابيع. بالرغم من أن بعض الأعراض الأخرى يمكن أن تبدأ بالتحسّن بشكل أسرع. فقد يلاحظ الناس مثلا أن نومهم أصبح أفضل وأن شعورهم بالقلق أصبح أخفّ في الأيام الأولى للعلاج.

 

كيف تعمل مضادات الاكتئاب؟

يتكون دماغ الإنسان من ملايين من الخلايا العصبية والتي تنقل الرسائل العصبية من خلية لأخرى عن طريق استخدام كميات ضئيلة جدا من المركبات الكيماوية التي تسمى "النواقل العصبية". وقد اكتشف حتى الآن ما يقارب 100 نوع من النواقل العصبية الفعالة في مناطق مختلفة من الدماغ. ويعتقد بأن في الاكتئاب هناك نوعان من النواقل العصبية المتأثرة وهي السيروتونين (Serotonin) والذي يشار إليه أحيانا بعبارة 5HT)) والنورأدرينالين (Noradrenaline)

تزيد مضادات الاكتئاب تركيز هذين الناقلين العصبيين عند نهايات الامتدادات العصبية، مما يبدو وكأنه يعزز ويقوي وظائف هذه المناطق من الدماغ التي تستخدم هذين الناقلين العصبيين.

 

مشكلات مضادات الاكتئاب

ككل الأدوية، فإن لمضادات الاكتئاب بعض التأثيرات الجانبية، مع أنها عادة تأثيرات خفيفة وتميل للاختفاء مع مرور الوقت باستخدام الدواء. ويمكن لمضادات الاكتئاب الحديثة (SSRI) أن تجعلك تشعر ببعض الغثيان في البداية، وقد تشعر أيضا ببعض القلق لوقت قصير. بينما تسبب مضادات الاكتئاب القديمة جفاف الفم والإمساك. والغالب أن يطلب منك الطبيب متابعة تناول الدواء مالم تكن الأعراض الجانبية شديدة.

وكغيرها من الأدوية، فإن لمضادات الاكتئاب المختلفة تأثيرات مختلفة. ويمكن لطبيبك أن يخبرك بما يمكنك أن تتوقعه، وهو يحتاج أن يعرف إن كان لديك أية مخاوف. وتأكد من أن تحصل من الصيدلي على نشرة المعلومات المرافقة للحبوب. ويسأل كثير من الناس فيما إذا كانت هذه الأدوية ستخدّرهم بعض الشىء أو تجعلهم يشعرون بالنعاس. وبشكل عام فالأدوية التي يمكن أن تجعلك تشعر بالنعاس فإنها تؤخذ عادة في المساء ليستفاد من أي تأثير منوّم. ومع ذلك فإذا شعرت ببعض النعاس في أثناء النهار، فعليك أن لا تقود السيارة ولا تعمل وراء آلات حتى يزول تأثير الدواء.

ويمكنك تناول الطعام بشكل طبيعي مع معظم الأدوية، وإلا فسيخبرك طبيبك بالأمر. ولا تسبب هذه الأدوية أي مشكلات مع مسكنات الألم، أو المضادات الحيوية أو حبوب منع الحمل. ولكن عليك تجنب الخمر، فقد يجعلك شرب الخمر شديد النعاس إذا كنت تتناول هذه الأدوية.

ويمكن عادة أن يقوم طبيب أسرتك، وليس الطبيب النفسي، أن يكتب لك وصفة علاج مضادات الاكتئاب. والأرجح أن يطلب منك طبيب الأسرة أن يراك بشكل دوري عدة مرات في البداية ليتأكد من أن الحبوب تناسبك. وإذا كانت الحبوب مفيدة فالنصيحة أن تستمر بأخذ الدواء على الأقل 4 أشهر بعد بداية التحسّن. وإذا كانت هذه هي الهجمة الأولى من الاكتئاب فقد تحتاج للدواء لمدة أطول. وعندما يحين وقت إيقاف الدواء فعليك أن تخفف الدواء تدريجيا ووفق نصائح طبيبك.

ويقلق كثير من الناس أن تكون مضادات الاكتئاب من الأدوية التي تسبب الإدمان. يمكنك أن تصاب ببعض أعراض الإنسحاب عندما توقف مضاد الاكتئاب بشكل فجائي، ويمكن لهذه الأعراض أن تشمل القلق، والإسهال، والأحلام الشديدة الوضوح أو حتى الكوابيس. ويمكن دوما تجنّب هذه الأعراض عن طريق تخفيف الدواء بشكل متدرج قبل إيقافه. ومضادات الاكتئاب ليست كبعض المهدئات من الفاليوم (Valium) أو النيكوتين أو الخمر، فأنت لا تحتاج أن تستمر في زيادة الجرعة للحصول على نفس التأثير والتي هي علامة على الإدمان، ولن تشعر أيضا بالرغبة الشديدة والتعطش لأخذ الدواء مجددا. وللمزيد من المعلومات يمكنك قراءة نشرة الكلية الخاصة بمضادات الاكتئاب.

 

أيها أفضل لي المعالجة بالكلام أم الحبوب؟

يعتمد هذا على سير وتطور اكتئابك وعلى شدته. وبشكل عام، فقد وجد أن المعالجة النفسية بالكلام أكثر تأثيرا في حالات الاكتئاب الخفيف والمتوسط الشدة. بينما يعتقد بقلة فائدة الحبوب في حالات الاكتئاب الخفيف. فإذا كان اكتئابك شديدا، فالأرجح أنك تحتاج للأدوية المضادة للاكتئاب وعادة لمدة 7-9 أشهر .

والغالب أن يجد الناس بعض الفائدة من الحصول على نوع من المعالجة النفسية بعد أن تحسنت عواطفهم من استعمال مضاد الاكتئاب. ومما يعينك أيضا أن تحاول تغيير بعض ظروف حياتك والتي يمكن أن تسبب لك الاكتئاب لو تركتها كما هي.

وهكذا، فالأمر ليس واحدا فقط من هذه العلاجات، ولكن أيا منها قد تحتاجه في وقت معين دون الآخر. وكلا المعالجتين النفسية بالكلام والمعالجة الدوائية تؤثران بشكل متقارب في مساعدة المصابين على الخروج من الاكتئاب المتوسط الشدة. ويعتقد كثير من الأطباء النفسيين بأن مضادات الاكتئاب أكثر تأثيرا في معالجة الاكتئاب الشديد. ولا يحب بعض الناس فكرة تناول الأدوية، بينما لا يرغب البعض الآخر بالمعالجات النفسية بالكلام. ولذلك فهناك درجة من الاختيار الشخصي. ومما يجعل تطبيق هذا صعبا أحيانا حقيقة قلة عدد المعالجين والمرشدين النفسيين في بعض مناطق البلد.

ومن الطبيعي عندما تشعر ببعض الهبوط والاكتئاب أن تجد صعوبة في تقرير ما عليك أن تفعله. تحدث عندها مع من تثق به كصديق أو كاحد أفراد أسرتك. وقد يساعدوك عندها على تقرير ما تريد عمله.

 

هل أحتاج أن أرى طبيبا نفسيا؟

المحتمل أنك لن تحتاج. فمعظم المصابين بالاكتئاب يجدون ما يحتاجونه في عيادة طبيب أسرتهم. وهناك قلة من الناس ممن لا يتحسّنون فيحتاجون لمساعدة اختصاصي نفسيّ. والأغلب أن يحوّل هؤلاء للطبيب النفسي (psychiatrist) أو لأحد أعضاء فريق الصحة النفسية في المجتمع  والطبيب النفسي هو طبيب ولكنه مختص في علاج الأمراض العاطفية والعقلية والنفسية (Mental Health Team) ويمكن لعضو فريق الصحة النفسية أن يكون ممرضا أو أخصائيا نفسيا وهو غير الطبيب النفسي، أو اختصاصيا اجتماعيا، أو مختصا بالعلاج بالتشغيل (occupational)  و مهما كانت طبيعة تخصص عضو الفريق فإنهم قد تلقوا تدريبا وخبرة في مشكلات الصحة النفسية.

قد تستغرق المقابلة الأولى مع الطبيب النفسي ما يقارب الساعة. وقد يطلب منك إن أردت أن تحضر معك قريبا أو صديقا. ليس هناك حاجة أن تشعر بالقلق أو العصبية من هذا اللقاء. فالأسئلة التي سيسألها الطبيب غالبا ما تكون أسئلة عملية، أكثر منها أسئلة عميقة تحتاج لتحليل. فالطبيب النفسي يحتاج أن يعرف منك شيئا ما عن خلفيتك، وفيما إذا كان في حياتك مرض خطير، أو مشكلات عاطفية مررت بها في الماضي. وسيسألك عن مجريات حياتك مؤخرا، وكيف تطور الاكتئاب، وفيما إذا كنت بدأت نوعا من العلاج. وقد يصعب أحيانا الإجابة على كل هذه الأسئلة، ولكنها تساعد الطبيب النفسي على التعرف عليك كشخص، ويساعده على تقرير ما هو أفضل معالجة لك. ويمكن للعلاج أن يتضمن نصيحة عملية، أو اقتراح معالجات مختلفة، وربما إشراك أحد أفراد أسرتك. وإذا كان اكتئابك شديدا أو احتاج لمعالجة متخصصة، فقد يكون من الضروري دخولك المستشفى. وهذا يُحتاج إليه عادة في كل 1 من أصل 100 شخص يعانون من الاكتئاب.

 

ماذا يحدث إذا لم أتلق أي علاج؟

الخبر الحسن أن هناك 4 من كل 5 أشخاص مصابون بالاكتئاب يتحسّنون آليا من دون أي علاج. وقد يحتاج هذا غالبا لمدة 4-6 أشهر (وأحيانا أكثر).

لماذا إذن نتعب أنفسنا في علاج الاكتئاب؟

بالرغم من أن 4 من كل 5 أشخاص يتحسّنون مع الوقت، فهذا يُبقي 1 من كل 5 ممن ما زال يعاني من الاكتئاب بعد سنتين من الإصابة. وما زلنا حتى الآن لا نستطيع التنبؤ بمعرفة من سيتحسّن ومن لن يتحسّن. فالبرغم من أنك قد تتحسن تلقايئا فإن تجربة الاكتئاب هذه ليست تجربة سعيدة والأمر يستحق أن نحاول تقصير مدة معاناتك من الاكتئاب. هذا بالإضافة إلى أنه إن كان اكتئابك هو النوبة الأولى، فأنت لديك فرصة 50:50 أن تصاب بنوبة ثانية. وهناك عدد صغير من المصابين بالاكتئاب ممن يقومون بالانتحار.

يمكن للأخذ ببعض النصائح المعروضة في هذه النشرة أن يُقصَر من مدة الاكتئاب. وإذا استطعت تجاوز هذه المرحلة بنفسك فقد يعطيك هذا شعورا بالإنجاز والثقة يمكّنك من التعامل مع مثل هذه الحالة في المستقبل. ولكن، إذا كان الاكتئاب شديدا أو طال أمده لوقت طويل، فقد يمنعك هذا من الاستمرار في عملك أو مهنتك أو من الاستمتاع بالحياة.

 

كيف أساعد مصابا بالاكتئاب؟

- كن مستمعا جيدا. وقد يكون هذا أصعب مما يبدو. فقد يكون عليك أن تعيد الاستماع مرات ومرات لنفس الشىء , والأفضل أن لا تقدم النصائح إلا إذا طُلِبَت منك، حتى ولو كان الجواب واضحا لك.

- في بعض الأحيان قد ينشأ الاكتئاب من مشكلة محددة معروفة. وفي هذه الحالة، يمكنك مساعدة الشخص عن طريق إيجاد حلّ لهذه المشكلة أو على الأقل لمجرد طريقة للتعامل مع هذه المشكلة.

- من المفيد مجرد قضاء وقت مع المصاب المكتئب. ويمكنك تشجيعه، ومساعدته على الكلام، ومساعدته على الاستمرار في بعض الأمور التي من عادته أن يقوم بها.

- يجد المصاب بالاكتئاب صعوبة كبيرة في تصديق فكرة أنه سيتماثل للتحسّن من الاكتئاب. فيمكنك طمئنته بأنه حتما سوف يتحسّن، وربما عليك أن تكرر هذا مرات ومرات.

- تأكد من أن المصاب يشتري ما يكفيه من الطعام، وأنه يتناول كمية كافية من الطعام.

- ساعده على البقاء بعيدا عن الخمور.

- إذا ساءت حالته كثيرا، وبدأ يبيح عن عدم رغبته في العيش، أو حتى مجرد تلميحه بأنه قد يؤذي نفسه، فاحمل هذا الأمر على محمل الجدّ. وتأكد من أنه أخبر طبيبه بذلك.

- ساعده على تقبل العلاج. ولا تحاول أن تثنيه عن تناول الدواء، أو عن أن يرى المعالج أو المرشد النفسي. وإذا كانت لديك مخاوف ما عن المعالجة، فيمكنك مناقشة هذا أولا مع الطبيب.

........

 

أُصدِرَت هذه النشرة من قِبَل الكلية الملكية للأطباء النفسيين

كل الحقوق محفوظة للكلية الملكية للأطباء النفسيين

 

رابط هذا الموضوع على موقع الكلية الملكية للأطباء النفسيين هو :

http://www.rcpsych.ac.uk/PDF/DepArabic.pdf

 

عودة